منذ عصر الفاطميين قبل ألف سنة كان صانع الفانوس واحد من نجوم شهر رمضان مثل الكنفانى والمسحراتى وبائع الفول ، وكان هو الشخص المحبب لدى الأطفال ، فالفانوس الذي يصنعه يدخل البهجة والفرحة على وجوه أطفال المحروسة وبمرور السنين أصبح فانوس رمضان النحاس من أساسيات كل بيت في شهر رمضان .
ذهبنا إلى معقل صناعة الفانوس الصاج والنحاس بالقاهرة وبالتحديد في منطقة تحت الربع وبوابة المتولى خلف مديرية أمن القاهرة بباب الخلق والتقينا أحد أشهر صناع الفوانيس هناك.رأيناه يجلس على الأرض أمام النار وفي يده الصاج والنحاس وأدوات اللحام يشكل منهم أفضل أشكال فانوس رمضان.. إنه عصام محمد حسن الذي ورث المهنة عن أبيه ومن قبله جده .
يقول عصام البالغ من العمر 46 سنة : بداية عملى في صناعة فانوس رمضان كانت مع والدى في مطلع السبعينات وأنا طفل صغير، كنت أذهب معه إلى ورشته التى يصنع فيها الفوانيس ووجدته يبدع في صناعتها بالألوان والخطوط وبأشكال الرسم المختلفة ، وكانت في معظمها رسم للكعبة ومسجد الرسول وفي أحيان أخرى كنت أجده يرسم مجسما لمسجدى الحسين والسيدة زينب على إطار الفانوس من الخارج، وبمضي الوقت أصبحت هذه المهنة أساسية بالنسبة لى وهى مصدر دخلى الوحيد .
الموسم الوحيد
سألته: وماذا تفعل في غير رمضان، فقال : هذه الصنعة مستمرة معى طوال السنة وهى ليست مخصصة لشهر رمضان فقط فأنا أعمل طوال السنة لصناعة أكثر من عشرين ألف فانوس بأحجام مختلفة يتم توريدها لجميع المحال على مستوى الجمهورية، فالمهنة منتشرة فقط بالقاهرة ولا يوجد صانعى فوانيس صاج بالمحافظات.
ويضيف : أنا على مدار خمسة شهور مضت لم آخذ إجازة سوى يومين فقط ، وأعمل من الساعة العاشرة صباحا وحتى التاسعة مساء أمام النار.
كيف إذن تتحمل هذه الحرارة المرتفعة وأنت مقبل على صوم ؟
يرد: الله هو وحده المعين لي على تحمل سخونة النار بخلاف سخونة الجو الطبيعية .
منافسة الصيني
وبسؤال عصام عن مدى إقبال الناس على الفانوس الصاج و النحاس بأحجامه المختلفة في الوقت الذي انتشرت فيه الفوانيس البلاستيك المستوردة من الصين ؟
قال لقد تأثرت صناعة الفانوس الصاج والنحاس بالسلب في السنوات العشرة الأخيرة بسبب الفانوس الصينى واضطر بالفعل عدد من صناع فوانيس رمضان الأصلى بتحت الربع للتوقف عن النشاط حتى أصبح عدد الورش المتخصصة 7 ورش فقط ولكن في السنوات الثلاثة الأخيرة استعادت الصناعة عافيتها وبدأ الإقبال من جديد على الفانوس النحاس و الصاج خاصة وأنه أفضل في الشكل واللون ومن الممكن وضع شمعة فيه أو لمبة كهرباء موصلة بسلك، ولكن الفانوس الصينى البلاستيك غير موفر وتتجمع عليه الأتربة بمضى الوقت وينطفئ لونه بعكس الفانوس النحاس الذى يظل لامعا طول العمر ويتابع: الفانوس الذي نصنعه هو صفيح مطلى بعضه باللون الأبيض و بعضه باللون المذهب و البعض الأخر باللون الأصفر( نيكل وألمانى وذهبي ) .
التوريث مرفوض
عصام حسن رفض توريث مهنته لأبنائه من بعده مؤكداً على أنه يتمنى أن يراهم في أحسن المراكز ومعاهم أفضل الشهادات العلمية، ورفض كذلك ترك المهنة و البحث عن عمل أخر بدخل ثابت أعلى قائلا : أعمل منذ 40 سنة في هذه المهنة وأصبحت غالية على واليوم الذى لا أصنع فيه فانوس أشعر بعدم الراحة فالفانوس عندى بمثابة الابن الرابع بعد أبنائي الثلاثة كما أن الدخل الذي يدخل بيتى من وراء هذه الصناعة يكفي بيتى و الحمد الله .
وعن أشهر صناع الفوانيس ورموزها قال عصام جميعهم رحلوا وتبقى فقط الجيل الثانى الذى أنا واحدا منهم وتعتبر الحاجة إم إبراهيم وأولادها من أشهر صانعى الفانوس في الخمسين سنة الأخيرة وكان لها فانوسا مميز معروف في السوق باسمها وكذلك عبد المقصود وهو أيضا من الرواد في تحت الربع .
شاهد الفيديو
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق