يبقى لتقليد جلوس العائلة مجتمعة إلى مائدة الطعام نكهته الخاصة, ولعلّ هذا المشهد أصبح تقليدًا أسبوعيًا أكثر منه عادة يومية, حيث لم يعد لبعض الأمهات العاملات الوقت والطاقة لتحضير وجبة عائلية والجلوس معًا إلى مائدة الطعام. وفي بعض الأحيان قد يقرر كل أفراد العائلة طلب وجبة جاهزة يتناولونها أمام التلفزيون أثناء مشاهدة فيلم.
يرى الاختصاصيون أن جلوس العائلة مجتمعة إلى مائدة الطعام يحب أن يكون من أولويات الحياة العائلية, نظرًا إلى ما له من فوائد على صعيدي الصحة الجسدية والنفسية على الأبناء.
يرى الاختصاصيون أن جلوس العائلة مجتمعة إلى مائدة الطعام يحب أن يكون من أولويات الحياة العائلية, نظرًا إلى ما له من فوائد على صعيدي الصحة الجسدية والنفسية على الأبناء.
لجلوس العائلة إلى مائدة الطعام دور في الحصول على نظام الغذائي صحّي وله أثر إيجابي كبير في توازن غذاء الطفل وسلوكه, مما يعني أثرًا إيجابيًا في وزنه. فقد أظهرت الدراسات في أوروبا وأمريكا أن أكثر من 16 بالمئة من الأطفال, يعانون مشكلة الوزن الزائد وأوعزت الأسباب إلى اللقمشة بين الوجبات, ونقص في النشاطات البدنية وكذلك إلى غياب تناول الطعام الصحي الذي يتبع الهرم الغذائي. فالمائدة العائلية تسمح للطفل والمراهق بالحصول على غذاء صحي ومتنوع. إذ يرافق تناول الطعام ضمن العائلة تناول كميات كبيرة من الفواكه والخضر ومشتقات الأجبان والألبان, واستهلاك أقل للمقالي والسكريات والمشروبات الغازية.
يكاد طقس جلوس العائلة مجتمعة إلى مائدة الغداء أو العشاء يتعدى كونه يوفر نظامًا غذائيًا صحيًا يضمن سلوكًا غذائيًا طبيعيًا. فتناول الطعام ضمن إطار العائلة والتحلّق حول مائدة الطعام يعني تبادل الأحاديث ويشير إلى أن أفراد العائلة يحتاجون إلى بعضهم. فعندما يُجرّد تناول الطعام من معانيه الرمزية والعائلية فإن الإنسان يخضع لاضطرابات غذائية مثل البوليميا, يزيد خطورتها الشعور بالوحدة وغياب المرجع في العائلة. فالوجبة العائلية بمعنى التكوين النفسي تطمئن المراهق والطفل, إذ أن لقاء الوالدين, خصوصًا العاملين, أبناءهما حول طاولة الطعام يترك انطباعًا جيدًا عندهم بأن والديهم حاضران وأنهما مرجع لهم وإن كانا لا يمضيان الكثير من الوقت معهم.
من الضروري أن يشارك الطفل في تحضير وجبة الطعام, مما يعزز الشعور بوحدة العائلة وتماسكها, فالجلوس إلى المائدة العائلية يرمز إلى أكثر من ملء المعدة, وهو يتيح المجال للحوار وملء الفراغ العاطفي, فكثيرًا ما يبعث الأبناء أثناء الجلوس إلى مائدة الطعام مع ذويهم برسائل مبطنة وإن كانت تظهر على شكل مزاح أو طرفة, وبذلك يكون له دور ممتاز في تربية الأبناء.
كما أن الجلوس مع الوالدين إلى مائدة الطعام يعلم الأبناء آداب السلوك, مثلاً الإنصات إلى الآخر أثناء تحدّثه وتناول الطعام بشكل لائق, وهذا التقليد العائلي له أثر إيجابي في تطور اللغة عند الطفل, فخلال الجلوس, يتواصل ويعبّر ويروي أمورًا حدثت معه. وهو بالنسبة إلى 80 بالمئة من الأمهات العاملات مكان لقاء عائلي, يشارك فيه الأبناء ويستمعون إلى حياة الراشدين ومشكلاتهم, وبذلك تصبح الروابط العائلية واضحة ومتينة.
وكي يتحوّل الجلوس إلى المائدة فترة راحة واسترخاء ولحظات عائلية مميزة, يمكن تحضير الأطباق التي يحبّها الأبناء, لذا من الضروري أن تسأل الأم أبناءها عما يريدونه للعشاء ولغداء اليوم التالي, فهذا سلوك رمزي يشعرهم بأن أمهم تهتم لأمرهم مما يجعل الجلوس إلى مائدة الطعام متعة لكل أفراد العائلة.
أما لكي يستفيد الطفل الصغير من هذه اللحظات العائلية, فمن الضروري أن تهتم الأم بأن يجلس بشكل مريح وبارتفاع يناسب حجمه. وفي السوق كراسي مخصصة للأطفال يمكن تعديلها بحسب حجم الطفل وتلبي كل متطلبات الأمان مما يجعله سعيدًا أثناء الجلوس عليها ومشاركته أهله وأخوته الطعام.
إتيكيت المطاعم
كذلك فإن اصطحاب الطفل إلى المطعم ليتعرف إلى مختلف أنواع المطابخ العالمية ويتعلم "إتيكيت" الأكل فكرة رائعة لتطوير سلوكه الاجتماعي. ولكن على الوالدين أن يكونا متأكدين من أنهما لن يضعا أبناءهما, خصوصًا إذا كانوا صغارًا, في موقف يفوق قدرتهم. فهما يصحبانهم من أجل المرح وتمضية لحظات جميلة معهم خارج المنزل. لذا على الوالدين اختيار المطعم الذي يناسبهم وفي الوقت المناسب. وهذه بعض الإرشادات:
إختيار مطعم يمنح الأبناء شعوراً بالابتهاج. التأكد مثلاً هل علو الكراسي يناسب طولهم? هل يتعامل النّادل مع الأطفال بطريقة ودودة? كما أن اختيار المطعم الذي يعج بالناس هو اختيار جيد لأن صوت الأبناء لن يشوش على الآخرين. ويجب الانتباه إلى عدم اختيار مطعم معظم زبائنه من رجال الأعمال أو أشخاص يريدون الهدوء.
الذهاب باكراً إلى المطعم قبل أن يعج بالزبائن, فهكذا ستجد العائلة فوراً طاولة تجلس إليها وتكون الخدمة أسرع. وإذا لم تكن الخدمة سريعة يمكن طلب بعض المقبلات, فهذه كفيلة أن تشغل الأطفال وتجعلهم أكثر صبراً في انتظار الوجبة الرئيسية.
عدم اصطحاب الأبناء إلى المطعم وهم يتضورون جوعاً. قد يبدو هذا غريباً لكن اصطحاب الطفل وهو جائع يحرمه متعة هذه التجربة. لذا بإمكان الأم السماح له بتناول وجبة خفيفة قبل اصطحابه إلى المطعم فهذا لن يفقده شهيته إلا أنه يخفف جوعه. وفي كل الأحوال, نادراً ما ينهي الطفل الوجبة الرئيسية كاملة واصطحابه جائعاً لن يحثه على تناول الطبق كاملاً.
عدم السماح للطفل بالالتفاف حول الطاولات, فهذا قد يسبب له حادثاً مؤسفاً, كأن يتعثر النادل به وهو يحمل طبقاً ساخناً مثلاً. ومن المفضّل الجلوس إلى طاولة بين مقعدين طويلين مرتفعي الظهر , والتأكد أنها مريحة بالنسبة إلى الأبناء مهما كانت سنهم وحجمهم. كما يجدر بالأهل ألا يصحبوا أبناءهم إلى المطعم قبل موعد نومهم.
أخذ بعض الألعاب المفضلة لدى الأبناء إذا كانوا صغارًا كدفتر الرسم وأقلام التلوين, فهذا الأمر يمنعهم من اللعب بالطعام, ويجعل اصطحابهم إلى المطعم مناسبة جميلة ينتظرونها.
طلب الحساب والانصراف فور ملاحظة الأهل أن أبناءهم بدأوا يتصرّفون في شكل غير لائق.
الوجبات السريعة
لكن لا ننسى أن صناعة الوجبات السريعة أثرت على طريقة وكيفية تناول الناس لطعامهم وبات صبرهم ينفد إذا لم تنجز أشياء كثيرة يريدونها بالسرعة اللازمة كما هو الحال بالنسبة للمأكولات التي يلتهمونها بسرعة.
وقال الباحث تشن بو- زونغ من كلية روتمان للإدارة في جامعة تورنتو بكندا إن التكنولوجيا التي تجعل الناس تأكل بسرعة تفقدها الإحساس بالراحة وبتناول الطعام مع العائلة تفسد عليهم متعتهم لأن هاجس الاستفادة من الوقت يظل يطاردهم طوال الوقت.
كذلك كشفت باحثة أمريكية عن أن تناول الطعام مع العائلة بانتظام وفي أوقات محددة لا يعزز الروابط بين أفرادها فحسب, إنما مفيد أيضاً من حيث اختيار المأكولات الصحية للجميع.
( الإتيكيت ) هو اداب السلوك الواجب اتباعة في كافة المواقف الحياتية المختلفة .
ردحذفhttp://www.goeng4u.blogspot.com